أعلنت وزارة الداخلية المغربية أخيرا عن موعد الإنتخابات الخاصة بمجلس النواب في 25 من شهر نونبر المقبل، وهو الموعد الذي سيتوجه فيه المغاربة إلى صناديق الإقتراع بعد مرور أشهر قليلة على اعتماد الدستور المغربي الجديد، دستور متقدم يحمل في طياته مجموعة من الأمور الجيدة التي إن طبقت على أحسن وجه فإن المغرب بالفعل سيخطو خطوة جديدة نحو المستقبل الحافل بالديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة الحق والقانون، النص متقدم فهل سيتقدم الناس كما النص الدستوري أم سيبقي حبرا على ورق، حيث يكون الواقع شيئا آخر غير المكتوب في الدستور.
انتخابات 25 نونبر يجب أن تختلف عمن سبقتها من الإنتخابات، إنها انتخابات الدستور الجديد والمحك الحقيقي لتطبيق هذا الدستور من عدمه، وكأي عملية إصلاحية فإن هذه الإنتخابات يفترض أن تكون العملية الجراحية الأولى التي يجب أن يخضع لها المغرب من اجل استئصال عدد كبير من الأورام السرطانية التي تنهك جسده منذ عقود، أورام سرطانية بعدد نجوم السماء، جاثمون في هذا الجسد ينهكونه ولا يتركونه يفعل أي شيء، إن هذه الأورام هي هذه الطبقة السياسية المتهالكة التي هرمت ووصلت من الكبر عتيا.
بدون تغيير الطبقة السياسية الموجودة الآن فلن يكون هناك أي تغيير، لأنه كيف تنتظر من شخص ستيني أو سبعيني أن يؤمن بأفكار الشباب المتقدة التي يرددها ملك البلاد في كل مناسبة يخطب فيها، إن الطبقة السياسية المغربية الموجودة الآن يجب أن تدخل إلى مصحة الإنعاش وتوضع تحت التنفس الإصطناعي حتى تنتقل راضية مرضية إلى جوار ربها، لم يعد الزمن يسعف هؤلاء الزعماء المسمون زورا بالتاريخيين، لقد حلت ساعة التغيير ويجب على هؤلاء أن يتحلوا بقليل من الجرأة السياسية ولو لمرة واحدة في حياتهم، ويقولوا للناس لقد تعبنا من السياسة والآن نترك المشعل للشباب الذين كلهم حماس للتغيير.
إذا تمت الإنتخابات في نونبر وعادت نفس الوجوه إلى قبة البرلمان، فإن المغاربة سيحسون بحالة اليأس الأشد في تاريخهم، حالة اليأس التي يعلم الله كيف ستكون عواقبها ونتائجها، ولكي لا نصل إلى حالة اليأس هذه يجب على الشعب المغربي أن يكون في موعد مع التاريخ يوم 25 نونبر، ويعمل على انتخاب الأشخاص الذين يستحقون أن يكونوا حقا ممثلين للأمة ونوابا صادقين مخلصين عن الشعب في البرلمان، يجب أن نصوت للتغيير والشباب الذين يخافون على مصير البلاد وثرواتها وخيراتها، لقد دقت ساعة الحقيقية ويجب أن نرى برلمانا مشرفا للمغاربة لأول مرة في تاريخهم، برلمان خال من كل أصحاب الشوائب التي تسيء إلى الأمة المغربية العريقة.
إنها إذن لحظة تاريخية يجب على الشعب أن يكون فيها في صف الديمقراطية والإصلاح، وان يقطع الطريق على تجار البشر والذين لا تهمهم إلا مصالحهم الشخصية، أما الشعب فلسان حالهم يقول فليذهب إلى الجحيم.
المغرب يوم 25 نونبر سيكون أمام مفترق طرق تاريخي، فإما أن يختار الدولة العصرية الديمقراطية التي تضمن الحقوق وترعى الواجبات، أو يفرمل كل عجلاته ليبقى مستوطنا في نادي الدول المتخلفة التي لا ديمقراطية فيها ولا حقوق، فلنعمل على صناعة التاريخ كما فعلنا مرات عديدة، ولنسعى كل بمجهوده وطريقته من اجل الحفاظ على النموذج المغربي، أو الإستثناء المغربي الذي ميزنا منذ بداية الحراك العربي عن الآخرين، فليكن هذا التميز حقيقيا ولنثبت للعالم كله يوم 25 نونبر أننا فعلا نستطيع أن نكون في الموعد من اجل مصحلة هذه البلاد التي تأوينا جميعا بكل الحب.